سوريا: الأوراق التأسيسية لفكرة المجالس المحلية بقلم الشهيد عمر عزيز

  • آواخر 2011

     

    ورقة نقاش حول المجالس المحلية في سورية / عمر عزيز /

    مدخل: زمن السلطة وزمن الثورة

    الثورة بحد ذاتها حدث استثنائي يبدل تاريخ المجتمعات كما تتبدل فيه الذاتيات البشرية. هي قطيعة في الزمان والمكان معا، خلالها يعيش البشر بين زمنين، زمن السلطة وزمن الثورة. أما انتصارالثورة فهو رهن بتحقق استقلالية زمنها لينتقل المجتمع الى عهد جديد.

    دخلت الثورة في سورية شهرها الثامن ومايزال أمامها أيام من الصراع لاسقاط النظام وفتح مساحات جديدة للحياة. خلال الفترة التي مضت، استطاعت المظاهرات المستمرة أن تكسر هيمنة السلطة المطلقة على المكان. فسيطرة السلطة على الجغرافيا أصبح نسبيا الآن وإن اختلف نطاقها من منطقة الى أخرى ومن يوم الى يوم، ومن ساعة الى ساعة في اليوم ذاته. وكان لاستمرار التظاهر أيضا أن أنتج مجلسا وطنيا ضم طيفا واسعا من الحراك الجماهيري والتنظيمات والاحزاب السياسية، يعول عليه ليمثل شرعية تمثيلية بديلة للسلطة على المستوى العربي والدولي وليفعل الجهود اللازمة لحماية الشعب السوري من قتل النظام ووحشيته.

    غير أن الحراك الثوري بقي مستقلا عن الأنشطة الحياتية للبشر ولم يتسطع أن يتداخل مع حياتهم اليومية. فهي مازالت تدار كما في السابق وكأن هناك “تقسيما يوميا للعمل” بين النشاط الحياتي والنشاط الثوري. ما يعني أن التشكيلات الاجتماعية في سورية تعيش تداخل زمنين، زمن السلطة الذي مازالت تدار فيه الانشطة الحياتية وزمن الثورة الذي يعمل الناشطون فيه على اسقاط النظام. لا تكمن الخطورة في ذلك بالتداخل بين الزمنين فهذا من طبيعة الثورات وإنما في غياب التلازم بين الخطين الحياتي والثوري للجمهور. فما يخشاه الحراك خلال الفترة القادمة هو أحد أمرين، ملل البشر من استمرارية الثورة لتأثيرها على أعمالهم وحياة اسرهم أو اللجوء الى استخدام مكثف للسلاح تصبح فيه الثورة رهينة البندقية.

    بناء عليه، فبقدر ما تستقل التشكيلات الاجتماعية عن السلطة بفعل جهود البشر للفصل بين زمن السلطة وزمن الثورة، بقدرما تكون الثورة قد هيأت أجواء انتصارها. ولا بد من التذكير أن الاشهر الماضية كانت خصبة بتجارب متعددة تركزت على وجه الخصوص في مجالات الاسعاف الطبي والمساندة القانونية ونحن الآن بحاجة ماسة الى إغناء هذه المبادرات لتشمل المساحات الأوسع للحياة. فمزج الحياة بالثورة هو الشرط الملازم لاستمرارية الثورة وانتصارها. ما يتطلب بدروه تكوينا اجتماعيا مرنا يقوم على تفعيل التعاضد بين الثورة وحياة البشر اليومية. وسنسميه فيما يتبع “بالمجلس المحلي”.

    ان هذا المدخل وما يليه ورقة للنقاش غرضها البحث في جدوى تشكيل مجالس محلية من أفراد يحملون ثقافات متنوعة وينتمون الى شرائح اجتماعية مختلفة تعمل على تحقيق التالي:

    ● مساندة البشر في ادارة حياتهم بشكل مستقل عن مؤسسات وأجهزة الدولة (وان بشكل نسبي)

    ● تكوين فضاء للتعبير الجمعي يدعم تعاضد الأفراد ويرتقي بأنشطتهم اليومية الى التعامل السياسي

    ● تفعيل أنشطة الثورة الاجتماعية على مستوى المناطق وتوحيد اطر المساندة

    أما المواضيع التي تدخل في صلب اهتمامات المجلس المحلي فهي التالية:

    الموضوع السكاني: توطيد الحميمية في العلاقات بين الناس

    ● توفير الدعم والمساندة للوافدين الى منطقة معينة او الخارجين منها

    ● المساندة اللوجستية لعائلات المعتقلين

    ● توفير الدعم المعنوي للعائلات المنكوبة والتكفل باللوازم والنفقات التابعة

    وقت طويل مضى اختزل خلاله الزمن الحياتي للبشر الى زمن للبحث عن أماكن أكثر أمنا لهم ولعائلاتهم والانتقال اليها. زمن تحول فيه أيضا عملهم اليومي الى محاولات دؤوبة لمعرفة ما حل بأحبابهم المفقودين او الوصول الى سبل الاستدلال عن مكان اعتقالهم معتمدين في ذلك على أقاربهم او معارف لهم في المناطق التي يلجؤون اليها.

    دور المجلس المحلي هو نقل هذه التعاسة التي تنضوي تحت زمن السلطة الى جملة أعمال يتفرد فيها المجتمع بالمبادرة. أي أن يقوم المجلس بالأعمال التالية كحد أدنى:

    i. البحث عن السكن الآمن وتوفير المؤونة للأفراد وعائلاتهم الوافدين الى المنطقة التي يتواجد المجلس فيها بالتعاون مع نظيره في المنطقة التي غادروها

    ii. تنظيم بيانات المعتقلين ونقلها الى الجهات المعنية في الثورة وترتيب الاتصال مع الجهات القانونية ومساندة الأهل في متابعة أحوال ذويهم في الاعتقال

    iii. ادارة بيانات متطلبات العائلات المنكوبة والعمل على تأمين نفقاتها عن طريق الدعم المالي للجمهور و”الصناديق المناطقية للثورة”

    أعمال كهذه تحتاج الى تنظيم وترتيب للمعلومات ومعرفة في فنون الادارة الا أنها ليست بالمهام المستحيلة على أي بيئة كانت. فالثورة التي صنعت جيلا من الخبراء في تنظيم التظاهر والاضراب والاعتصام تستطيع ان تدفع باتجاه تكوين خبرات ادارية لأعمال يقوم بها الناس بالفطرة.

    ان مسؤولية كهذه لن تكون بديلا عن الأقارب او المعارف (أو على الأقل في مرحلة أولى) كما لا يجب أن تكون ملزمة بأي حال من الأحوال. فالبشر التي بدأت تأنس الخروج عن خدمات الدولة والتي وجدت بديلا مؤقتا لها في علاقات القربى بحاجة لوقت وممارسة كي تدخل في تماس وسلوك اجتماعي جمعي أكثر تطورا وفعالية.

    موضوع التبادل بين البشر: تكوين مشتركات جديدة

    ● توفير ساحة للنقاش يتم فيها تداول أمور البشر والبحث عن حلول لمسائلهم الحياتية

    ● بناء ترابط أفقي بين المجالس المحلية لمنطقة جغرافية واحدة والتوسع في ذلك ليشمل الترابط بين مناطق جغرافية مختلفة

    الثورة حولت ذاتيات البشربفتح آفاق حياتهم بعدما تيقنوا أن الصراع هو سبيلهم لاكتساب تحررهم واستبانوا من استمراريتهم فيه أن غدا آخر ممكن، وبعدما اكتشفوا ان لهم تعريف غير الذي عهدوه وقدرات من الابتكار والاختراع مختلفة عن أحادية قاتلة حاول نصف قرن من الاستبداد قيدهم فيها وكذلك أيضا بعدما اكتشفوا أن تعاضدهم فتح لهم أبوابا جديدة في تعاط اجتماعي غني ومتعدد الألوان.

    يكمن دور المجلس المحلي هنا في تفعيل هذا التعاضد ونقله الى المساحات الحياتية التي تختلف بطبيعة نشاطها عن حراك مواجهة السلطة، أي:

    i. تشجيع البشرعلى مناقشة أحوالهم اليومية (ما يتعلق منها برزقهم ومتطلباتهم الحياتية) وتداولها ومحاولة حلها جمعيا

    ii. النظر في المسائل التي تتطلب حلولا من خارج الجمهور المحلي كالتمويل مثلا أو مساندة من مناطق أخرى

    موضوع الأرض: اعادة اكتشاف المشترك

    ● الدفاع عن أراضي المنطقة التي تسعى الدولة لاستملاكها أو التي هي قيد الاستملاك

    ان استملاك الدولة الكيفي للاراضي في المدن والريف السوري وما استتبعه من اعادة انتشار للسكان هو من الركائز الأساس لسياسة الهيمنة والتهميش الاجتماعيين التي اعتمدتهما السلطة. وقدعملت هذه السياسة على تكوين مناطق سكنية “آمنة” لضباط وصف ضباط الجيش أو تنفيذ مخططات تجارية لسكن الأغنياء ومناطق تسوقهم. إن الحراك الثوري الذي نشهده في المناطق الريفية والريفية – الحضرية هو بأحد جوانبه رفض البشر لسياسة الاستملاك والتهميش هذه التي تقطع مجالهم الحيوي.

    دور المجلس المحلي هو الدفاع المباشر عن الملكيات التي تقوم السلطة بوضع اليد عليها تحت أي حجة كانت. ومن الضروري أن يقوم بالأعمال التالية:

    ● حصر سريع للمتلكات موضوع قرارات الاستملاك

    ● التواصل مع الشبكات القانونية للثورة ورفع القضايا امام المحاكم للاعتراض على قرارات الاستملاك لأجل إلغائها أو على الأقل تأخيرالعمل بها

    ● جعل الدفاع عن الممتلكات والارض مسألة تخص جموع السكان في مناطقتهم

    تكوين المجالس المحلية:

    ● تكوين المجالس المحلية هو عملية تابعة لمستوى الحراك في كل منطقة، أي ان انه يكون أصعب التحقيق في المناطق التي تخضع لوجود أمني كثيف وأسهل نسبيا في المناطق التي يكون فيها الحراك الثوري أكثر تمكنا

    ● ان تحقيق أعمال المجلس المحلي هي عملية متدرجة وفق الحاجة والظرف ومدى تفاعل الناس معها

    ● ان النجاح الذي يحققه كل من المجالس سوف يغني تجارب المجالس الأخرى ويزيد من تصمصيم أفرادها

    ● لن يكون تكوين المجالس المحلية مهمة سهلة ولكنها أساس لاستمرارية الثورة. والصعوبة فيها ليس فقط الطوق الامني ومحاصرة البشر والمكان وإنما ممارسة حياة وعلاقات جديدة وغير مألوفة. يتطلب الأمر إيجاد صيغة مستقلة تقطع مع السلطة، يكون دورها مساندة وتطوير الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية في منطقة تواجدها ويفترض أن تتمتع بخبرة ادارية في ميادين مختلفة.

    ● يجري تطبيق برنامج المجالس المحلية بدءا من الأمكنة التي يفترض فيها أكبر قدر من الشروط المناسبة. وستكون هذه الأمكنة بمثابة مساحات تجريبية لتكوين المجالس في مناطق أخرى تخضع لظروف أصعب

    ● نظرا لغياب الممارسة الانتخابية في الظرف الراهن تتشكل المجالس المحلية من العاملين في الحقل الاجتماعي والحائزين على احترام الجمهور وممن تتوفر لديهم خبرات في مجالات اجتماعية وتنظيمية وتقنية وتكون لديهم الامكانية والرغبة في العمل الطوعي

    ● يتم اطلاق أعمال المجلس المحلي على مراحل وفق أولويات المنطقة ويشترك باطلاقه:

    ○ أعضاء المجلس المحلي

    ○ نشطاء المنطقة

    ○ نشطاء يتطوعون من خارج المنطقة ويكون لهم خبرة في هذه المجالات

    دور المجلس الوطني

    ان للمجلس دورا مفصليا بالنسبة للأمور التالية:

    ● شرعية المبادرة: اعتماد المجلس الوطني لفكرة المجلس المحلي يؤمن لها الشرعية اللازمة لاطلاقها ويسهل قبولها من قبل الناشطين في الساحة

    ● التمويل: قبول المجلس الوطني ادارة “تمويل صنايق الثورة” – وهذه بحد ذاتها من الوظائف التي يتوجب ان يضطلع بها- يسمح بمرونة أكبر لاطلاق المجالس المحلية بتغطية وذلك بتغطية نفقات الاطلاق ومصاريف قد لا يكون بإمكان المنطقة تغطيتها

    ● تسهيل التنسيق بين المناطق ورفع مستوى التنظيم الى اطار المحافظات إذ أن كل منطقة وكل ناحية فيها مازالت تقوم بمبادراتها وفق تصورها للحراك. هذه الاستقلالية أثبتت دون شك مرونة عالية في الحركة غير انها تأثرت غالبا من غياب مساحات صديقة تحميها. والدور الذي يضطلع به المجلس الوطني هنا أساسي لايجاد أرضية مشتركة ولتوثيق الترابط بين المناطق المختلفة.

    ………………………….

     

    تشكيل المجالس المحلية في سورية /عمر عزيز /

    اقتراحات عملية لاستمرارية الثورة

    مدخل: تلازم حماية المجتمع واستمرارية الثورة

    أتمت الثورة في سورية عامها الأول ومازال أمامها أيام من الصراع لاسقاط النظام وفتح مساحات جديدة للحياة. خلال الفترة التي مضت، استطاعت المظاهرات المستمرة أن تكسر هيمنة السلطة المطلقة على المكان. فسيطرة السلطة على الجغرافيا أصبح نسبيا الآن وإن اختلف نطاقها من منطقة الى أخرى ومن يوم الى يوم، ومن ساعة الى ساعة في اليوم ذاته.

    خلال الفترة الماضية، غيرالسوريون مسار مجتمعهم مثلما غيروا من تكوينهم الذاتي. وهم في ذلك، برهنوا على شجاعة غير مسبوقة وتعاضد مرهف وأكدوا بالتضحيات التي قدموها توقهم الى التحررواصرراهم على تغيير معالم حياتهم.

    ولدت روح مقاومة الشعب السوري لوحشية النظام وقتله وتدميره الممنهج للمجتمع حالات فريدة من الحذاقة والابتكار وقبل هذا وذاك فعل محبة اسطورية لتمكين الحياة من الاستمرار. فتأمين المساندة الطبية وتحويل بيوت الى مستشفيات ميدانية وترتيب السلل الغذائية والتفنن المرح في النشرالاعلامي، أنشطة تحدت جميعها بغي السلطة وعبرت عن الغنى الانساني الذي حمله تضافر الناس وتعاونهم.

    شكل نشطاء سوريون لجان التنسيق في بداية الثورة لتنظيم التغطية الاعلامية وتأمين نشرها وتوثيق فعاليات الثورة وانتهاكات النظام وما لبثت أن توسعت هذه الأنشطة لتشمل أمورالاغاثة والخدمات الطبية. وقد أصبح واضحا عندها أن التشكيلات الاجتماعية برمتها هي التي تتشارك وتساهم في تمكين الثورة من الاستمرار في مقاومة طويلة المدى. وكان لهذه المشاركة أن تفتحت عن علاقات جديدة قطعت مع سيطرة النظام على المكان والزمان في محاولة دؤوبة لتمكين الناس من ادارة شؤون حياتهم بشكل مستقل حيث أنهم تيقنوا أن هذه الاستقلالية هي عنوان تحررهم.

    كانت الاشهر الماضية خصبة بتجارب متعددة وكان للتباين في التشكيل الاجتماعي بين المناطق أن حمل غنى في تنوع المبادرات واختلاف تلون تعبيراتها من منطقة لأخرى. ففي البدء كان الحراك الثوري مستقلا عن الأنشطة الحياتية للبشر ولم يتداخل مع حياتهم اليومية وكأن هناك “تقسيما يوميا للعمل” بين النشاط الحياتي والنشاط الثوري. غير أنه ما لبث أن تتطور التكافل الانساني عندما اقبل الناس طوعيا على المشاركة في المسكن والمأكل وتقديم العون بكافة اشكاله ثم توسعت هذه التجارب في المناطق التي كان فيها الحراك الثوري أكثر حدة ليصبح التلازم واضحا بين شؤون الحياة وشؤون الثورة.

    وقد بدا جليا أنه بقدرما تستقل التشكيلات الاجتماعية عن السلطة بقدرما تكون الثورة قد شكلت العمق الاجتماعي لحمايتها وحماية المجتمع من بطش السلطة ومن الانزلاقات الاخلاقية أو استخدام للسلاح تصبح فيه الثورة والمجتمع رهينتا للبندقية. فمزج الحياة بالثورة هو الشرط الملازم لاستمرارية الثورة حتى انفلاش النظام ما يتطلب بدروه تكوينا اجتماعيا مرنا يقوم على تفعيل التعاضد بين الثورة وحياة البشر اليومية. وقد حملت التجارب الماضية مسميات متعددة للتعبيرعن هذا التكوين الاجتماعي الجديد الذي سنسميه فيما يتبع “بالمجلس المحلي”.

     

    ان هذا المدخل وما يليه دعوة لتشكيل مجالس محلية من أفراد يحملون ثقافات متنوعة وينتمون الى شرائح اجتماعية مختلفة تعمل على تحقيق التالي:

    ● مساندة البشر في ادارة حياتهم بشكل مستقل عن مؤسسات وأجهزة الدولة (وان بشكل نسبي)

    ● تكوين فضاء للتعبير الجمعي يدعم تعاضد الأفراد ويرتقي بأنشطتهم اليومية الى التعامل السياسي

    ● تفعيل أنشطة الثورة الاجتماعية على مستوى المناطق وتوحيد اطر المساندة

    أما المواضيع التي تدخل في صلب اهتمامات المجلس المحلي فهي التالية:

    أولا) التكافل الانساني والتضامن المدني: توطيد الحميمية بين الناس

    i. الغايات:

    ● رفع المعاناة المادية وتخفيف الألم المعنوي للعائلات “المهاجرة” نتيجة همجية السلطة

    ● التضامن النفسي والمادي مع العائلات المنكوبة بفقيد أو جريح او معتقل أو متوار أو التي تعرضت لخسارة معنوية او مادية

    ● تحسين الشروط الحياتية للعائلات

    ● توفير “أفضل الشروط الممكنة” لممارسة الدعم الطبي

    ● تأمين استمرارية الخدمات التعليمية

    ii. دور المجلس المحلي:

    تغطي أعمال المجلس المحلي كحد أدنى مايلي:

    ● توفير الدعم والمساندة للوافدين الى منطقة معينة او الخارجين منها حيث أن دور المجلس المحلي هو تحويل التعاسة التي سببتها السلطة الى جملة أعمال يتفرد فيها المجتمع بالمبادرة:

    ○ البحث عن السكن الآمن وتوفير المؤونة للأفراد وعائلاتهم الوافدين الى المنطقة التي يتواجد المجلس فيها بالتعاون مع نظيره في المنطقة التي غادروها

    ○ تنظيم بيانات المعتقلين ونقلها الى الجهات المعنية في الثورة وترتيب الاتصال مع الجهات القانونية ومساندة الأهل في متابعة أحوال ذويهم في الاعتقال

    ○ ادارة بيانات متطلبات العائلات المنكوبة والعمل على تأمين نفقاتها عن طريق الدعم المالي للجمهور و”الصناديق المناطقية للثورة”

    ● توفير الدعم المعنوي والمادي واللوجيستي للعائلات المنكوبة والتكفل باللوازم والنفقات التابعة: فحرب السلطة على شعبها ختزل الزمن الحياتي للبشر الى زمن للبحث عن أماكن أكثر أمنا لهم ولعائلاتهم. زمن تحول فيه أيضا عملهم اليومي الى محاولات دؤوبة لمعرفة ما حل بأحبابهم المفقودين او الوصول الى سبل للاستدلال عن مكان الاعتقال معتمدين في ذلك على أقاربهم او معارف لهم في المناطق التي يلجؤون اليها مما يتطلب:

    ○ التعاون ومساندة الجهات القانونية في الثورة لتوثيق الانتهاكات التي يقوم بها الجيش وقوات الأمن والشبيحة من قتل واغتصاب واعتقال وتدمير للممتلكات وسرقات

    ○ توفير بيئة محبة توفر الراحة النفسية والمادية للعائلات المهجرة وبشكل خاص للنساء والأطفال والتنسيق مع الجهات المعنية لتوفير معالجة الحالات النفسية والصحية التي تتطلب اهتماما ومتابعة خاصة

    ● ادارة الأحوال المدنية: تملي الهجمة الشرسة للنظام من المجلس المحلي القيام بتدوين الوقائع المدنية التي تخص النشطاء والمتوارين على وجه الخصوص. أما في المناطق التي حققت فيها الثورة حيزا من الاستقلالية فسيكون بالامكان مسك كافة الوقائع من ولادات ووفيات وزواج وطلاق، الخ.

    ● التنسيق مع لجان الاغاثة لتوفير الدعم الاغاثي والمالي بما فيه:

    ○ تحديد متطلبات الغذاء والدواء والمتطلبات الحياتية الأخرى

    ○ إدارة أنشطة استلام وتوزيع مواد الاغاثة

    ○ وضع البيانات الاحصائية ونشرها

    ● التنسيق مع اللجان الطبية

    ○ تحديد المنازل التي تتوفر فيها الحدود البيئية الدنيا لتحويلها الى مشافي ميدانية وتأمينها من أصحابها

    ○ تجهيز المشافي الميدانية بالتنسيق مع اللجان الطبية

    ○ التنسيق مع اللجان الطبية ولجان الاغاثة لتحديد المتطلبات الطبية والاسعافية والعمل على استلامها وتخزينها

    ○ متابعة طلبات الاسعاف وخاصة تلك الواردة من خارج المنطقة

    ● دعم وتنسيق الأنشطة التعليمية

    ○ تحديد المتطلبات التعليمية لكافة المراحل التعليمية

    ○ التنسيق مع الهيئات التعليمية في المنطقة و|او مع من تتوفر لديه الامكانية والرغبة في التدريس

    ○ ادارة وتنظيم الانشطة التعليمية

    ● دعم وتنسيق الأنشطة الاعلامية

     

    ملاحظة: أعمال كهذه تحتاج الى تنظيم وترتيب للمعلومات ومعرفة في فنون الادارة الا أنها ليست بالمهام المستحيلة على أي بيئة كانت. فالثورة التي صنعت ذهنية معرفية في تنظيم التظاهر والاضراب والاعتصام تستطيع ان تدفع باتجاه تكوين خبرات ادارية لأعمال يقوم بها الناس بالفطرة. ومن الضروري التنويه ان مسؤوليات كهذه لن تكون بديلا عن الأقارب او المعارف (أو على الأقل في مرحلة أولى) كما لا يجب أن تكون ملزمة بأي حال من الأحوال. فالبشر التي بدأت تأنس الخروج عن خدمات الدولة والتي وجدت بديلا مؤقتا لها في علاقات القربى بحاجة لوقت وممارسة كي تدخل في تماس وسلوك اجتماعي جمعي أكثر تطورا وفعالية.

    ثانيا) موضوع التبادل بين البشر: تكوين مشتركات جديدة

    i. الغايات:

    ● رفع قدرة ذاتيات المجتمع على المبادرة والفعل

    ● توفير ساحة للنقاش يتم فيها تداول أمور البشر والبحث عن حلول لمسائلهم الحياتية

    ● بناء ترابط أفقي بين المجالس المحلية لمنطقة جغرافية واحدة والتوسع في ذلك ليشمل الترابط بين مناطق جغرافية مختلفة

    ii. دور المجلس المحلي:

    تغطي أعمال المجلس المحلي كحد أدنى مايلي:

    الثورة حولت ذاتيات البشربفتح آفاق حياتهم بعدما تيقنوا أن الصراع هو سبيلهم لاكتساب تحررهم واستبانوا من استمراريتهم أن غدا آخر ممكن، وبعدما اكتشفوا ان لهم تعريف غير الذي عهدوه وقدرات من الابتكار والاختراع مختلفة عن أحادية قاتلة حاول نصف قرن من الاستبداد قيدهم فيها وكذلك أيضا بعدما اكتشفوا أن تعاضدهم فتح لهم أبوابا جديدة في تعاط اجتماعي غني ومتعدد الألوان.

    يتمثل التحدي الذي تواجهه المجالس المحلية في ايجاد بيئة اجتماعية يأنس لها البشر فتكون مساحة مفتوحة لتبادلهم الطوعي وتمكنهم من تحقيق شروط استمراريتهم كأهل بتواز مع تحقق شروط استمرارية الثورة كمشروع ترق جمعي. ومنه، يعمل المجلس المحلي على تحقيق الأمور التالية:

    ● تكوين “ساحة اجتماعية” تمكن الناس من مناقشة مشاكلهم الحياتية وتداول أحوالهم اليومية وابتكار الحلول المناسبة لتحقيق توازن دقيق يضمن استمرارية الثورة وبنفس الوقت يحمي المجتمع حيث تشمل هذه المواضع كلا من الأمور التالية:.

    ○ الشؤون المحلية

    ○ شؤون البنية التحية

    ○ التوافق الاجتماعي

    ○ تحصيل ايرادات المنطقة

    ○ التداول في كل ما يتعلق برزق الناس ومتطلباتهم الحياتية والعمل على حلها جمعيا (قدر الامكان)

    ● النظر في المسائل التي تتطلب حلولا من خارج الجمهور المحلي كالتمويل أو مساندة المناطق الأخرى

    ● الدفاع عن أراضي المنطقة قيد الاستملاك حيث ان استملاك الدولة الكيفي للاراضي في المدن والريف السوري وما استتبعه من اعادة انتشار للسكان هو من الركائز الأساس لسياسة الهيمنة والتهميش الاجتماعيين التي اعتمدتهما السلطة. وقدعملت هذه السياسة على تكوين مناطق سكنية لموظفين وضباط وصف ضباط الجيش أو تنفيذ مخططات تجارية لسكن الأغنياء ومناطق تسوقهم. وقد جاء الحراك الثوري الذي نشهده في المناطق الريفية والريفية – الحضرية بأحد جوانبه كرفض لسياسة الاستملاك والتهميش هذه التي تقتطع المجال الحيوي للبشر. ومن أعمال المجلس المحلي هنا:

    ○ حصر للمتلكات التي خضعت لااستملاك

    ○ في حال استملاك الأرض لأغراض أمنية: جعل الدفاع عن الممتلكات والارض مسألة تخص جموع السكان في مناطقتهم

    ○ في حال استملاك الأرض لغرض السكن او لاقامة مشاريع عقارية:عمل ما يمكن لتحسين العلاقات مع الجوار والنظر في امكانية الوصول الى حلول ترضي الاستمرارية الحياتية لجميع الأطراف

     

    ملاحظة: من الواضح أن أعمالا كهذه تنطبق على مواقع آمنة أو شبه ” محررة” من السلطة. ولكن من الممكن تقييم الوضع الخاص لكل منطقة وتحديد ما يمكن تحقيقه فيها.

     

    ثالثا) موضوع العلاقة مع الجيش السوري الحر: تلازم حماية المجتمع والدفاع عنه واستمرارية الثورة

    iii. الغايات:

    ● رفع وتيرة أمن المجتمع والدفاع عن المظاهرات وتوسعة امتدادها

    ● تأمين خطوط الاتصال بين المناطق وحماية حركة الناس والامداد اللوجيستي

    iv. دور المجلس المحلي:

    تغطي أعمال المجلس المحلي كحد أدنى مايلي:

    ● توفير المأمن والمسكن والغذاء لأفراد الجيس السوري الحر

    ● التفاهم والتنسيق مع الجيش السوري الحرعلى الاستراتيجية الدفاعية في المنطقة

    ● العمل مع الجيش السوري الحر على تمكين المجتمع من منطقته أمنيا واداريا

     

    رابعا) تكوين المجالس المحلية وبنيتها التنظيمية:

    يواجه تشكيل المجالس المحلية اشاكالات متعددة ليس أقلها قتل النظام وتقطيعه أوصال المكان واقتحامه المتكرر للمدن والبلدات مما يشل حركة الناس ويقيدهم في دائرة ضيقة للغاية. حيال ذلك بينت تجارب الثورة في المناطق كافة أن مقاومة آليات القتل ولدت ذهنية مرنة اخترعت باستمرار اساليب جديدة تجاوزت بواسطتها العقبات التي اعترضت رغبة المجتمع في التحرر واستطاعت أن تتفاعل مع ما يتناسب وعلاقات القوة على الأرض. ومنه، يتأثر تكوين المجالس المحلية بالعناصر التالية:

     

    ● تشكيل المجلس المحلي عملية مرنة ومتدرجة وفق الحاجة والظرف ومدى تفاعل الناس معها

    ● ان النجاح الذي يحققه كل من المجالس سوف يغني تجارب المجالس الأخرى ويزيد من تصمصيم أفرادها

    ● تكوين المجالس المحلية هو عملية تابعة لمستوى الحراك في كل منطقة، أي ان انه يكون أصعب التحقيق في المناطق التي تخضع لوجود أمني كثيف وأسهل نسبيا في المناطق التي يكون فيها الحراك الثوري أكثر تمكنا

    ● ان النجاح الذي يحققه كل من المجالس سوف يغني تجارب المجالس الأخرى ويزيد من تصمصيم أفرادها

    ● لن يكون تكوين المجالس المحلية مهمة سهلة ولكنها أساس لاستمرارية الثورة. والصعوبة فيها ليس فقط الطوق الامني ومحاصرة البشر والمكان وإنما ممارسة حياة وعلاقات جديدة وغير مألوفة. مما يتطلب إيجاد صيغة مستقلة تقطع مع السلطة، يكون دورها مساندة وتطوير الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية في منطقة تواجدها ويفترض أن تتمتع بخبرة ادارية في ميادين مختلفة.

    ● يجري تطبيق برنامج المجالس المحلية بدء من الأمكنة التي يفترض فيها أكبر قدر من الشروط المناسبة. وستكون هذه الأمكنة بمثابة مساحات تجريبية لتكوين المجالس في مناطق أخرى تخضع لظروف أصعب

    ● نظرا لغياب الممارسة الانتخابية في الظرف الراهن تتشكل المجالس المحلية من العاملين في الحقل الاجتماعي والحائزين على احترام الجمهور وممن تتوفر لديهم خبرات في مجالات اجتماعية وتنظيمية وتقنية وتكون لديهم الامكانية والرغبة في العمل الطوعي ومن الضروري هنا التعامل المرن مع التركيبة العائلية في المنطقة و التكوينات السياسية الموجودة فيها

    ● يتم اطلاق أعمال المجلس المحلي على مراحل وفق أولويات المنطقة ويشترك باطلاقه:

    ○ أعضاء المجلس المحلي

    ○ نشطاء المنطقة

    ○ نشطاء يتطوعون من خارج المنطقة ويكون لهم خبرة في هذه المجالات

    ومنه، من الممكن النظر في هيكل تنظيمي يفعل أدوار ومهام المجلس المحلي على الشكل التالي:

     

    أي أنه من المستحسن أن تكون البنية التنظيمية للمجلس المحلي ذي طبيعة عملية تبدأ من صيغة دنيا وتتطور وفق متطلبات المجتمع وتبعا للتحول الذي تحققه الثورة في موازين القوة مع النظام في منطقة معينة وما يستتبعه من علاقة بالمناطق المجاورة.

    خامسا) دور المجلس الوطني

    ان للمجلس دورا مفصليا بالنسبة للأمور التالية:

    ● شرعية المبادرة: اعتماد المجلس الوطني لفكرة المجلس المحلي يؤمن لها الشرعية اللازمة لاطلاقها ويسهل قبولها من قبل الناشطين في الساحة

    ● التمويل: قبول المجلس الوطني ادارة “تمويل صنايق الثورة” – وهذه بحد ذاتها من الوظائف التي يتوجب ان يضطلع بها- يسمح بمرونة أكبر لاطلاق المجالس المحلية بتغطية وذلك بتغطية نفقات الاطلاق ومصاريف قد لا يكون بإمكان المنطقة تغطيتها

    ● تسهيل التنسيق بين المناطق ورفع مستوى التنظيم الى اطار المحافظات إذ أن كل منطقة وكل ناحية فيها مازالت تقوم بمبادراتها وفق تصورها للحراك. هذه الاستقلالية أثبتت دون شك مرونة عالية في الحركة غير انها تأثرت غالبا من غياب مساحات صديقة تحميها. والدور الذي يضطلع به المجلس الوطني هنا أساسي لايجاد أرضية مشتركة ولتوثيق الترابط بين المناطق المختلفة

 

About tahriricn

bringing together anarchist perspectives from the Middle East, North Africa and Europe

Posted on September 22, 2013, in Middle East, العربية and tagged , , , . Bookmark the permalink. Leave a comment.

Leave a comment