عبد الناصر والطبقة العاملة المصرية
02.01.2010
تعرضت الطبقة العاملة المصرية لتجربه قاسيه، ما زالت تعاني من آثارها حتى الان، هي تجربتها مع النظام الناصري الذي ما زالت فلول اليسار المصري التقليدي (الستالينيون، الناصريون، التجمعيون) يذرفون الدموع الساخنه عليه، ويعتبرون سقوطه ردة يمينيه، كما لا يزالون يرددون شعاراته الباليه، و هم في هذا يخونون الطبقة التي يدّعون الدفاع عنها، و قد سبق لهم ان ساعدوا النظام الناصري على أن يحقق أغراضه في تحطيم وحدة ووعي الطبقة العاملة المصرية، وهو الأمر الذي أوصلها لما هي فيه من ضعف الآن.
إننا سنحاول هنا أن نقدم نقداً يسارياً ليس للنظام الناصري فحسب بل لكل الأنظمه التي كانت و ما تزال تدّعي كونها اشتراكية، إلا اننا نعتبرها مجرد أشكال من نظم الشعارات البراقه والأقنعه البالغة الزيف، الا أن هذا النقد سيتم في صورة نقد للنظام الناصري من زاوية علاقته بالطبقة العاملة.
إن قصة الناصرية مع الطبقة العاملة المصرية تبدأ مع إعدام قائديّ اضراب عمال كفر الدوار في اغسطس سنة 1953 خميس والبقري، وقمع إضرابات عمال نسيج امبابه بالدبابات في نفس الفترة تقريباً، و في مارس سنة 1954 إستطاع النظام الناصري شراء رؤساء نقابة النقل العام من اجل دعم الديكتاتورية العسكرية في مواجهة الحركة الشعبية المطالبه بالديمقراطية، وفي عام 1957 فقد التنظبم النقابي العمالي استقلاله و ديمقراطيته حيث تم تأميمه و سيطرة الدولة عليه، بحيث أصبح من غبر الممكن الا لعملاء الحكومة أن يشغلوا مناصبه القياديه العليا في الاتحاد العام، و المناصب السطى في النقابات العامه. فقد أصبح الترشيح للمنظمات النقابيه وقفاً على أعضاء أحزاب النظام الحاكمة (هيئة التحرير، الأتحاد القومي، الأتحاد الأشتراكي العربي) على التوالي، و في عام 1959تم اعتقال معظم كوادر الحركة الشيوعية المصرية و معهم معظم الكوادر العمالية لمدة خمس سنوات مما أفقد الطبقة العاملة طلائعها الواعية و المنظمة، التي خرجت من تجربتها الأليمه و قد استأنسها النظام، و فقدت الطبقة العاملة تمتما تنظيماتها النقابية و الأجتماعية و السياسية المستقله، و ما أن إنتهى دور العصى في قمع العمال حتى أتى دور الجزره ، لكي يقضي تماماً على الوعي العمالي نقابياً و سياسياً، و قد كان هذا بدءاً من عام 1961 .
فقد أرتدى النظام القناع الاشتراكي وفقاً لمودة تلك الأيام، و أخذ النظام يقدم المكاسب الاجتماعية تلو المكاسب للعمال، فمع مشاركة العمال في الإدارة و الأرباح و مد مظلة التأمينات الاجتماعية، أخذت أحوال العمال الاقتصادية تتحسن نسبياً، إلا إن هذا لم يعني زوال الاستغلال و القهر. فالقطاع العام المملوك للدولة تسيطر عليه البيروقراطية التي تنهبه، و لا تترك للعمال منه سوى الفتات، فالعمال في القطاع العام لا يستطيعون التحكم في ظروف الإنتاج، و لا فيما يحصلون علبه من أُجور التي تحددها الحكومه وفقاً للوائح و القوانين و المشاركة في الاداره مشاركة صوريه حيث لا يشكل ممثلي العمال الأغلبيه في عضوية مجلس الأدارة، و زوال الفوارق بين العمال و الموظفين في التعريف القانوني للعامل، بأنه من يعمل مقابل أجر، جعلت تمثيل العمال في المجالس الشعبية تمثيل زائف، و حرمان العمال من أي غمكانية للنضال النقابي المستقل، و عدم السماح بقيام أي منظمات سياسيه للطبقه العاملهو السيطره على منظماتها النقابيه، و حرمانهم من حقوقهم السياسيه و على رأسها حق الأضراب، يجعل العمال في أوضاع أقرب ما تكون للقنانه منها بأوضاع الطبقه العامله الحديثه.
و لعل أبرز برهان على ان هذه الدولة الناصريه لم تكن ابداً دولة العمال و لا حتى الطبقات الشعبية و إنما كانت دولة البرجوازية و البيروقراطية ما حدث عام 1968 فيما عُرف بأحداث الطيران.
فمع الهزيمة المزريه التي لحقت بالنظام الحاكم في يونيو 1967 و التي كشفت مدى الفساد التي وقعت فيه قيادلت الجيش المصري بل و كل البيروقراطية الحاكمه في ذلك الوقت، صدر ما عرف باحكام الطيران ككبش فداء يدفع تهمة الخيانه العظمى عن كبار الضباط و رجال الدولة، ويبرئ ساحة الزعيم الخالد من المسئولية، و كان الحكم هو سجن قائد السلاح خمسة عشر عاماً ونائبه عشرة أعوام، و براءة باقي المتهمين، و سرعان ما تحركت قيادات الطبقه العامله في حلوان لأدانة هذه الأحكام المتهاونه للغايه، فقد غتضح أن شهداء الحرب 120 ألف جندي و ضابط، وبحساب بسيط، فأن حياة الشهيد لا تساوي أكثر من ثانية سجن واحدة . و في مواجهة التحركات العماليه المطالبه بأعادة محاكمة ضباط الطيران، و إلغاء سيطرة المؤسسة العسكرية على الحكم، واجهت الحكومة هذه التحركات بالقمع الوحشي. و في الحركة الموازية في جامعة القاهره عقد احد الطلاب مقارنة بين حكم صادر على سائق، أتهم في حادث تصادم قطاره و سيارة نقل، قُتل فيها ثلاث مواطنين، وأصاب خمسة و عشرين مواطن، فحكم عليه بالسجن سبع سنوات قائلاً: “سائق أهمل فأضاع مصير ثلاث أفراد و حكم عليه بسبع سنوات سجن_ و صدقي (قائد سلاح الطيران أثناء حرب 1967) أهمل فأضاع مصير أُمه و حكم عليه بخمسة عشر سنه”. وقد إرتفع الهتاف في هذه الحركه عالياً : “ضفر العامل من حلوان، أشرف من صدقي الجبان”.
وهكذا نعرف حقيقة الدوله الناصريه وكيف أنها كانت دولة البرجوازيه، التي كانت أسد على العمال، نعامة في حروبها، و كيف كانت تستخدم أسلحتها لقمع العمال و قهرهم و استغلالهم، و تدافع عن نفسها ووجودها بكل الوقاحه في لحظات انكسارها المهين.
Posted on September 29, 2013, in North Africa and tagged Egypt, Worker's Movement. Bookmark the permalink. Leave a comment.
Leave a comment
Comments 0